علاقة علم النحو بالتفسير:
يرتبط العلم النّحو بالتّفسير ارتباطاً وثيقاً، فعلم النّحو من أهم الأدوات التي يوظفها علم التّفسير لفهم القرآن الكريم، ويمكن أن نقف على العلامة بين علم النّحو والتّفسير من خلال المحاور الآتية.
نشأة علم النّحو وارتباطها بالقرآن الكريم:
تعددت الرّوايات في نشأة علم النّحو، والنّاظر في هذه الرّوايات يلحظُ أنّها تشترك في أمرين:
الأول: شيوع اللّحن: كان العرب ينطقون بالسّليقة، فكانت لغتهم سليمة، وألسنتهم مستقيمة، وهكذا حتّى انتشر الإسلام، وزادت رقعته، ودخل النّاس من الأجناس كافة في دين الله، فاختلطت الألسنة وانتشر اللّحن، حتّى صار ظاهرة يُخشى من شُيوعها.
جاء في (نزهة الألباب): "وسبب وضع (عليّ رضي الله عنه) لهذا العلم، ماروى أبوا الأسود قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فوجدت في يده رقعةً، فقلتُ: ما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: إنّي تأملتُ كلام النّاس، فوجدته قد فسدَ بمخالطة هذه الحيراء، يعني الأعاجم، فأردت أنْ أضع لهم شيئاً يرجعون إليه، ويعتمدون عليه". وفي (أخبار النّحويين البّصريين) "أنّ أبا الأسود الدؤلي" جاء إلى زياد بالبصرة، فقال: إنّي أرى العربَ قد خالطت الأعاجم، وتغيّرت ألسنتهم، أفتاذت لي أنْ أضع للعرب كلاما يعرفون، أو تقيمون به كلامهم؟ قال: لا قال: فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك
بنونا؟ ادع لي أبا الأسود.فقال: ضع للنّاس الذي نهتُيك أنْ تضع لهم"
والأد هي أنْ يتسرت اللّحنُ إلى قراءة القرآن الكريم، جاء في (نزهة الألباء): أنّ عليّ (رضي الله عنه) سمع أعرابياً يقْرأ (لا يأكلُهُ إلاَّ الخاطئين) فوضع النّحو .
وفي الكتب نفسه: "قدم أعرابيٌّ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فقال من يقرئني شيئاً ممَّا أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ فأقرأهُ رَجلٌ سُورة براءة، فقال: "(أنَّ الله بُريءٌ منَ المُشركينَ ورسُوله) بالجر، فقال الأعرابيُّ: أوَقَدْ برئ الله منْ رسُوله؟ إنْ يكُنْ الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منهُ، فبلغَ عمر (رضي الله عنه) مقاله الأعرابي، فدعاه فقال: يا أعرابيُّ، أتبرأ من رسول الله؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنّي قدمْت المدينة، ولا علم لي بالقرآن، فسألت منْ يقرئني، فأقرأني هذا سورة براءة، فقال: (أنَّ الله بُريءٌ منَ المُشركينَ ورسُوله) فقلت: أوَ قدْ برئ الله تعالى من رسوله؟ إنْ يكنْ برئ منْ رسوله فأناَ أبرأ منه، فقال له عمر (رضي الله عنه): ليس هكذا يا أعرابيّ، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال:"(أنَّ الله برئٌ منَ المشركين ورسُولُهُ)"، فقال الأعرابي: وأنا والله أبْرأُ ممنْ برئ الله ورسُولُهُ منه، فأمر عمر (رضي الله عنه) ألاَّ يقرئ القرآن إلاَّ عالمٌ باللّغة، وأمر أبا الأسود أنْ يَضَعَ النّحو".
وهذه الروايات التي عرضْتُ بعضا منها، بغض النظر عن صحة كل رواية متفردة، تدل بمجموعها على ارتباط نشأة النّحو بشيُوع ظاهرة اللّحن، والخوف على كتاب الله منْ هذه الظاهرة المستنكرة، فدعت الحاجة إلى وضع كلّيات وقوانين تحكم اللّسانَ، وتصُون القرآن من عادية اللّحن التي قد تُحرّفُ دلالة النص القرآني، وظاهرة اللّحن وإنْ لم تكنْ في قراءة القرآن فقط، فإنّ تسّربها إلى قراءة القرآن نبّهَ على هذا الخطر الدّاهم، فغدت الحاجةُ ماسة إلى وضع قوانينَ ترُدُ الألسنةَ التي اعوجت إلى اللسان العربيّ المستقيم.
القرآنُ رقْعَة العمل:
بعد الحاجة إلى وضع قوانين تضبطُ اللّسان، وتصون قراءة القرآن، انطلق العلماء إلى بناء هذا العلم، وكان القرآن الكريم رُقْعة العمل. وتشيرُ أغلب الروايات إلى تسبق أبي الأسود الدؤلي إلى بناء هذا العلم. يقول ابن سلام الجمحي (ت 232ه):" وكان أول من أسس العربية، وفتح بابها، وأنهج سبيلها ، ووضع قياسها، أبو الأسود الدؤلي" وليس يهمني التحقق من صحة سبق أبي الأسود إلى نشأة علم النّحو ، ولكن يُهمني تلَمُسُ نقاط الارتباط بين القرآن وعلم النّحو، ولذا يلزمني أن أقف عند القصة الآتية:
بعد شيوع اللّحن على ألسنة بعض القراء القرآن الكريم، طلب أبو الأسود الدؤلي من الأمير زياد كتاباً، فلما ارتضى أبو الأسود الكاتب، قال له: "إذا رأيتني قد فتحتُ فهي بالحرف فانْقُط نقطةً فَوقهُ على أعلاهُ، فإنْ ضممَتُ فهي فانقُط نقطة بين يدي الحرف، وإنْ كَسُرْتُ فاجعل النقطة تحت الحرف"، فإنْ تبعتُ شيئاً منْ ذلك غُنَّةً، فاجعل مكان النقطة نقطتين فهذا نقط أبي الأسود"
نستفيد من هذه القصة أنَّ أبا الأسود بدأ عمله في القرآن الكريم، وارتبط نحوهُ به، صحيح أنَّه لم يكن من غرض أبي الأسود أنْ يسوق كلاما نظرياً في بنية اللّغة ، أو أنْ يضع أسس النظرية النّحوية عند العرب، لكن عمله كان المنطلق لتأسيس النّظرية النّحوية التي قامت من بعدُ على خطوات لاحقة، فكان هذا النّجاحُ العلمي الزاخر.
ولاغرو أنْ يكون هذا العلم الذي نشأ وترعرع في محاضن القرآن الكريم، الأداةُ البارزة في فهم النص القرآني، والوسيلة الموّضحة لمدلولاته، لاسيما بعد أنْ اختلطت الألسنة إذا كان الأوائل لا يحتاجونَ إلى كثير من هذه العلوم، فالقرآن نزل بلغتهم، و"على أساليب بلاغتهم، فكانوا يفهمونهُ ويعملون سقانية في مفرداته وتراكيبه" ، وعليه فقد احتيج إلى علم النّحو في التفسير بعد فساد الألسنة وذلك حاصلٌ لتكاثر العجم،ودخول الأجناس كافةً في دين الله، فقلّت الملكات الصّافية التي يرجعون إليها، فصاروا ينتجعون هذه التآليف في العلوم كافة، يستعينون بها على فهم تراكيب القرآن ودلالاته. يقول أبو حيّان الأندلسي (ت754ه)، "كانت تآليف المتقدمين أكثرها إنما هي شرح لغة، ونقل سبب، ونسخ، وقصص، لأنّهم كانوا قريبي عهد بالعرب وبلسان العرب، فلّما فسد الّلسانُ العجم، ودخل في دين الإسلام أنواع الأمم المختلفو الألسنة، والنّاقصو الإدراك، احتاج المتأخرون إلى إظهار ما نطوي عليه كتاب الله تعالى من غرائب التراكيب، وانتزاع المعاني وإبراز النكت البيانية، حتّى يدرك ذلك من لم تكن في طبعه، ويكتسبها من لم تكن نشأته عليها، ولا عنصره يحركه إليها" .
ولايهمني هنا أن أحدّد تاريخ المتبار النّحو من مصادر التفسير، ولكن مايهمني ارتباط ذلك بأمرين:
الأول: الحاجة التي أشار إليها أبو حيّان الأندلسي، بعد فساد الألسنة وتغيّر السّياق
الثاني: توافر التآليف في علوم اللّسان، بعد أنْ صارت علوم اللّسان صناعية، ويشرح ابن خلدون (808ه) الأم الثاني بقوله: "ثم صارت علوم اللّسان صناعية من الكلام في موضوعات اللّغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب، فوضعت الدّواوين في ذلك بعد أنْ كانت ملكاتٌ للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتب، فتُنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللّسان، فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن، لأنَّهُ بلسان العرب، وعلى منها بلاغتهم" .
أنواع التفسير:
بعد الحديث عن علم النّحو ودوره في التّفسير بعد فساد الألسنة، وبعد أنْ صارت العلوم اللسانية صناعية، ودونت وكثرت تواليفها، وتبقى هنا لنا أن نسأل: ما أنواع التفسير؟ وما دور النّحو في كل نوع؟ وما منهاج المفسرين في التفسير.
يقسم العلماءُ التّفسير قسمين: تفسير يرجع إلى النقل، ويعتمد على المأثور من القرآن والسُّنة وأقوال الصحابة، وتفسير يرجع إلى الاجتهاد والرأي، على وفق أصول دونها علماء التّفسير، وضوابط يجب أنْ يعتمد عليها كُلُّ من دام تفسير كتاب الله، ويحسن هنا أنْ نتكلم على النوعين بإيجاز.
1- التفسير بالمأثور:
وهو ما جاء في القرآن الكريم أو السُّنة أو كلام الصّحابة بياناً لمراد الله تعالى من كتابه ،وهذا النوع من التفسير يعتمد على النقل، ويقوم على تفسير القرآن بالقرآن، أو القرآن بالسنة بقيد كونها ثابتهٌ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أو المنقول الثابت عن الصحابة، وهذا هو المرجع الثالث في التفسير بالمأثور، وأمّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف العلماء ، وقد نشط تابعو التابعين وألفوا تفاسير كثيرةً من هذا النوع، جمعت أقوال الصَّحابة والتابعين، ثُمَّ ألّف ابن جديد الطبري (ت310ه) تفسيره المشهور، وجمع كثيراً من تفاسير من سبقه .
وليس في هذه التفاسير إلاّ ما هو سند إلى الصّحابة والتابعين، فهي تعتمد على نقل المأثور.ودور علم النّحو في هذا النوع من التفسير قليل، وأثره ضئيل، إذا يعتمد هنا على النقل عمن وصفوا بسلامة اللّغة، وقلّة احتياجهم إلى غير السّليقة في فهم معاني كتاب الله، ورغم ذلك لا أستطيع أنْ أنفي مطلق الاحتياج إلى علم النحو في تأليف هذا النوع من التفسير، فهذا تفسير ابن جرير الطبري، الذي وصفه الزرقاني بأجل تفاسير المأثور ، يوجه الأقوال، ويذكر الإعراب والاستنباط، وقد يُرجَّحُ وجهاً إعرابياً على آخر، لاسيما عند الكلام على القراءات .
2- التفسير بالرأي:
ويقصد به التفسير المعتمد على الاجتهاد، لا على مجرّد النقل، والاجتهاد عند العلماء هو: "بذل المجهود على قدر الواسع والإسكان، والتّفكر في معنى النّص في المنصوص عليه، لإدراك المقصود، وهو بيل الحكم به" ، وبذل المجهود والتّفكر يحتاجان إلى أصول وضوابط وأدوات فكرية للوصول إلى الإدراك، واستخراج الأحكام، إذن، فهناك رأي معتّد به قائم على هذه الأصول والضوابط، ورأي فاسدٌ، حاد عنها، وعلى هذا الأخير يحمل النهي عن تفسير القرآن بالرأي، فقد حمل العلماء حديث "من تكلّم في القرآن برأيه فليتوبوا مقعده بين النار" ، على عدة معان، منها التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير .فما الأصول التي يجب مراعتها عند التفسير بالرأي، الجواب عند الزرقاني، فقد عَدَّ أربعة أصول، وهي .
1- النقل عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع التحّرز والتّبت من صحة المنقول.
2- الأخذ بقول الصحابي، إنْ وجد وصحَّ.
3- الأخذ بمطلق اللغة، والاحتراز عن صرف الآيات إلاَّ بديل.
4- الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع.
والملاحظ أن ما ذكرهُ الزرقاني يربط هذا النوع من التفسير بالنوع الأول، وكأنّ التفسير بالرأي فرع التّفسير بالمأثور، إذا التّفسير النقلي هو المقصود بالذات . والذي يهمنا في هذا الوضع هو دور علم النّحو في هذا النوع من التفسير، فقد تأكد سابقاً أن التفسير بالرأي الجائز، يحتاج إلى أصول وضوابط، بوصفها أدوات للكشف عن المواد من النص، ومن المعلوم أنّ علم الحو من أبرز هذه الأصول وهذه الأدوات، التي يحتاج إليها المفسر في اجتهاده، ونلاحظ هذا في تقسيم ابن خلدون التفسير إلى قسمين: التفسير النقلي، والتفسير الذي يرجع إلى اللّسان، وقال عن هذا الأخير: "والصنف الآخر من التفسير، وهو ما يرجع إلى اللّسان من معرفة اللّغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب" . وجعْل هذا النوع من التفسير الذي يعتمد على علوم اللّسان، يبين منزلة علم فيه.
ومن مظاهر منزلة علم النّحو في التفسير، اشترط العلماء أي المفسر معرفة النحو، إذا جعلوا علوم اللّغة والنّحو والصرف والبلاغة، من أبرز العلوم التي يحتاج إليها المفسر، لأنّ المعنى يتغير ويختلفُ باختلاف الإعراب . فلا شك بعد الذي ذكر، أنْ يكون علم النحو من أبرز الأسس التي يقوم عليها التفسير، ويمكن أنْ ندرج تعريفين يبينان الارتباط الوثيق بين علم النحو والتفسير:
قال أبو حيّان الأندلسي: "التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرأن الكريم، ومدلولها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب" وهنا يتأكد لدى العارف بالنحو أنّ الكلام على الأحكام الإفرادية والتركيبية يشمل فيها الإعراب.
وقال الزركشي (ت 794ه):" التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصرف وعلم البيان وأصول الفقه والقرءات" فعلم النحو من مصادر التفسير على وفق هذا التعريف، ووسيلة فهم كتاب الله، واستخراج معانيه وأحكامه.
كتب المعاني والإعراب وعلاقتها بتفسير القرآن الكريم:
من أهم المظاهر التي تبين العلاقة الوثيقة بين علم النحو والتفسير، اختصاص بعض اللّغويين والنّحويين بتآليف خاصة بالقرآ ، ذات منهج خاص، وهي كتب المعاني وكتب الإعراب، وسأشير إليها بإيجاز لتكتمل صورة العلاقة التي تجمع بين علمي النحو والتفسير، ولتبيان أثر علم النحو في التفسير:
كتب المعاني:
تعتمد هذه الكتب إلى الكلام على لغة القرآن، وبيان وجوه إعرابه والوقوف عند مشكلة وتجليه معانيه، وترتبط بما يشكل في القرآن، ويحتاج إلى بعض العناء في فهمه ، فهذه الكتب تمثل صورة من صور التفسير اللّغوي، وفيها يتضح أثر علم النحو في التفسير. وقد كثر المؤلفون في هذا الميدان من المتقدمين، وشاع هذا العنوان ردحا من الزمن، وانكب على الكتابة فيه معظم علماء العربية في زمنهم، وسأعرض بعض النماذج على هذا النوع من التآليف توضيحا له:
1/ كتاب مجاز القرآن:
ألف هذا الكتاب أبو عبيدة، معمر بن المثنى (ت209ه)، وهو من أقدم ما وصل إلينا في هذا الفن، وقد عدّ بعض الباحثين أبا عبيدة، أول من صنف في معاني القرآن من أهل اللّغة .
وكلمة مجاز في عنوان الكتاب لأتحمل على المعنى الاصطلاحي عند علماء البلاغة، بل يريد بها الطرق التي يسلكها القرآن في تعبيراته فهو يذكر الآلية ثم يقول: ومجازهُ، يريد: معناه . وأبو عبيدة في كتابه يقدم تفسيراً لغوياً، يقوم على قدر من الحرية، ولا يتقدد بقوانين المذهبين النحويين، البصري والكوفي، إذا كانا في دور التكوين ، وهو يعني بالشواهد الشعرية لتوضيح آليات القرآنية عناية بالغة، وقد صرف وكده إلى الجانب اللّغوي، فشغلهُ ذلك عن متابعة القصص القرآني وأسباب النزول، إلاّ إذا اقتضى فهم النص ذلك ، ويمتاز منهجه بالسير والقرب، فهو يحتكم إلى الفهم والذوق اللّغوي ويرجع إلى كلام العرب .
2/كتاب معاني القرآن:
ألفه الفراء (307ه) ، وهو كتاب يعرض فيه الفراء الآية، ثم يتناولها بالتحليل اللّغوي
والنحوي وهو يعتمد على لغات العرب التي يحيط بها في توجيه المعنى، كما يعتمد على القراءات، وهو ضالع فيها، مطلعٌ عليها اطلاعاً واسعاً، وهو ينتقد القراءة بعضها على قراءات أخرى والترجيح بينهما من خلال توجيه المعنى .
والفراء في كتابه يوسع دائرة التأويل، وهو من أبرز أدواته في توجيه الإعراب ، ويعتدُّ بالقياس ويكثر منه ، وتظهر نظرية العامل جلية في كتاب الفّراء، إذا هو المقتضي للإعراب عنده ، وهذا العرض الموجز لمنهج الكتاب يبين جل اهتمامه بالناحية النّحوية واللّغوية في أثناء التفسير، إذ يظهر فيه أشد النحو بوضوح، ممّا يجعله من كتب التفسير اللّغوي التي تبرز متانة العلاقة بين علمي النحو والتفسير.
كتب الإعراب:
الإعراب في اللغة: الإبانة والإفصاح، وأعرب الدّجل عن نفسه، إذا بين وأوضح وفي معجم المقاييس "إعراب الكلام أيضاً من هذا القياس، لأّن بالإعراب يفرّقُ بين المعاني في الفاعل والمفعول به والنفي والتّعجب والاستفهام، وسائر أبواب هذا النّحو من العلم " ولا تخفي الرابطة الوثيقة بين المعاني والإعراب، لذا قالوا: الإعراب فرع المعنى، ولا يتصور أنْ يقدم أحد على الإعراب نص بجهل معناهُ، فإعراب النّص تجليه" لمعانيه،وكشفٌ لأحكامه.
قال السُّيوطي (ت911ه) في شروط من أراد إعراب القرآن: إنّ أول واجب عليه أنْ يفهم معنى ما يريد أنْ يعربه مفردا مركباً قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السُّور، إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه" .
لذلك فإنّ المعرب ‘ذا نظر في ظاهرة اللفظ فقط، ولم ينظر في موجب المعنى ، وكما لاحظنا ، فقد تضمنت كتب المعاني السابقة وجود إعراب آيات القرآن الكريم، وتعرضت لذلك بالقدر الذي يوضح دلالته ومعانيه، ويوقف على مقاصده وأحكامه، وهنا يحقق لنا طرح السؤال الآتي: ما الذي تميزت به كتب الإعراب عن كتب المغاني؟
إنّ كتب المعاني التي اهتمت بالنّحو وتوضيح المعاني اللّغوية لكلمات والمفردات، وربّما عّرجت على أسباب النزول وقصص القرآن، بمقدار حاجة البيان، هي ولدت هذا النوع من التأليف، وقد سار الإعراب في طريق الانفصال والتّطور حتى استقل عن المعاني وتحولت الأخيرة إلى كتب تفسير .
وقد ظهرت تآليف تعنى بالإعراب كلمات القرآن وجملهُ، وانحصارها في هذه النّحية من القرآن، جعلها علماً قائماً بذاته، ثم تباينت مناهج العلماء في إعراب القرآن الكريم، فمنهم من اقتصر على الإعراب المشكل فقط، ومنهم من عرض الإعراب غريبة، ومنهم من قصد إلى إعرابه كاملاً، ومنهم من عرض أشكال الإعراب وجعل لكل شكل باباً، ومنهم من جمع بين أوجه القراءات والإعراب .
فالواضح من هذا الكلام أنّه قد حدث انفصال كتب الإعراب عن كتب المعاني، ولكن متى نضج هذا الانفصال، وكيف تّم؟ يجيب إبراهيم رفيدة عن هذا السؤال ويُعدُ كتاب الإعراب القرآن لابن النحاس (ت 338ه)، المحاولة التي نملك الدليل على نضجها في الفصل بين معاني القرآن وإعرابه.
ويتأكد هذا من خلال إجراء مقارنة بين كتابي "ابن النحاس": معاني القرآن، وإعراب القرآن، فقد جعل ابن النحاس كتابه (معاني القرآن)، كما يقول، في تفسير المعاني والغريب وأحكام القرآن والنّاسخ والمنسوخ ، وجعل كتابه (إعراب القرآن) في إعراب القرآن والقراءات في المرتبة الأولى، وقد يذكر المعاني بمقدار الحاجة إلى ذلك .
ومن أشهر الكتب إعراب القرآن التي اعتنت بالعلامة بين النّحو وفهم معاني القرآن:
1-كتاب معاني القرآن وإعرابه:
ألّف هذا الكتاب الزجاج (ت 311ه)، وتعرض فيه للإعراب والمعاني، ويظهر هذا من قوله:" هذا كتاب مختصر في إعراب القرآن ومعانيه" وسوّغ الزجاج ذكره المعاني بما يشعر بأن قصده أصالةً إعراب القرآن، فيقول:" وإنما نذكر مع الإعراب المعنى والتّفسير، لأن كتاب الله ينبغي أنْ يتبين" ، وهو في كتابه يثبت الآية، ثم يحللُ بعض ألفاظها على طريقته في الشتقاق اللغوي، فيذكر أصل الكلمة والمعنى اللّغوي الذي تدل عليه، ثم يورد الكلمات التي تشاركها في حروفها، ويستشهد على رأيه بما يؤيده من كلام العرب وأشعارهم، ثم يبدأ بإعراب الآية، وهو في كل هذا يناقش النحويين الآخرين، وقد يأخذ بآرائهم أو يردها .
2- كتاب إعراب القرآن:
ألفه ابن النحاس، وقد بين منهجه في مقدمة كتابه فقال:"هذا كتاب أذكر فيه، إن شاء الله، إعراب القرآن والقراءات التي تحتاج أنْ يبين إعرابها، والعلل فيها، ولا أُخليه من اختلاف النّحويين، وما يحتاج إليه من المعاني، وما أجازه بعضهم وضعه بعضهم، وزيادات في المعاني وشرح لها ، فخطبته في مفتتح الكتاب كتابه دالة بذاتها على هذا الارتباط الوثيق بين علم النّحو، وتوجيه معاني الآيات القرآنية.
3- كتاب التبيان في إعراب القرآن:
ألفه العكبري (ت 616ه)، وأعرب فيه القرآن كاملاً، وهو يذكر وجود القراءات، ويبين وجود إعرابها، ولا يخلو الكتاب ومن لإشارات إلى معني الآية، وهو يشتهد بالشعر العربي على ما يذهب إليه، وقد يذكر أئمة النحو والتفسير الذين ينقل عنهم ، ويذكر وجود الإعراب في الآية ولا يرجع بينها، وهذا كثير في كتابه، ورُبما رجع بين الوجود بتمريض أحدها، وذلك كان يقرر وجهاً، ثم يُتبعهُ بكلمة قيل ، وقد يستغني عن الإعراب بيان المعنى فقط
قائمة المراجع:
يرتبط العلم النّحو بالتّفسير ارتباطاً وثيقاً، فعلم النّحو من أهم الأدوات التي يوظفها علم التّفسير لفهم القرآن الكريم، ويمكن أن نقف على العلامة بين علم النّحو والتّفسير من خلال المحاور الآتية.
نشأة علم النّحو وارتباطها بالقرآن الكريم:
تعددت الرّوايات في نشأة علم النّحو، والنّاظر في هذه الرّوايات يلحظُ أنّها تشترك في أمرين:
الأول: شيوع اللّحن: كان العرب ينطقون بالسّليقة، فكانت لغتهم سليمة، وألسنتهم مستقيمة، وهكذا حتّى انتشر الإسلام، وزادت رقعته، ودخل النّاس من الأجناس كافة في دين الله، فاختلطت الألسنة وانتشر اللّحن، حتّى صار ظاهرة يُخشى من شُيوعها.
جاء في (نزهة الألباب): "وسبب وضع (عليّ رضي الله عنه) لهذا العلم، ماروى أبوا الأسود قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فوجدت في يده رقعةً، فقلتُ: ما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: إنّي تأملتُ كلام النّاس، فوجدته قد فسدَ بمخالطة هذه الحيراء، يعني الأعاجم، فأردت أنْ أضع لهم شيئاً يرجعون إليه، ويعتمدون عليه". وفي (أخبار النّحويين البّصريين) "أنّ أبا الأسود الدؤلي" جاء إلى زياد بالبصرة، فقال: إنّي أرى العربَ قد خالطت الأعاجم، وتغيّرت ألسنتهم، أفتاذت لي أنْ أضع للعرب كلاما يعرفون، أو تقيمون به كلامهم؟ قال: لا قال: فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك
بنونا؟ ادع لي أبا الأسود.فقال: ضع للنّاس الذي نهتُيك أنْ تضع لهم"
والأد هي أنْ يتسرت اللّحنُ إلى قراءة القرآن الكريم، جاء في (نزهة الألباء): أنّ عليّ (رضي الله عنه) سمع أعرابياً يقْرأ (لا يأكلُهُ إلاَّ الخاطئين) فوضع النّحو .
وفي الكتب نفسه: "قدم أعرابيٌّ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فقال من يقرئني شيئاً ممَّا أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ فأقرأهُ رَجلٌ سُورة براءة، فقال: "(أنَّ الله بُريءٌ منَ المُشركينَ ورسُوله) بالجر، فقال الأعرابيُّ: أوَقَدْ برئ الله منْ رسُوله؟ إنْ يكُنْ الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منهُ، فبلغَ عمر (رضي الله عنه) مقاله الأعرابي، فدعاه فقال: يا أعرابيُّ، أتبرأ من رسول الله؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنّي قدمْت المدينة، ولا علم لي بالقرآن، فسألت منْ يقرئني، فأقرأني هذا سورة براءة، فقال: (أنَّ الله بُريءٌ منَ المُشركينَ ورسُوله) فقلت: أوَ قدْ برئ الله تعالى من رسوله؟ إنْ يكنْ برئ منْ رسوله فأناَ أبرأ منه، فقال له عمر (رضي الله عنه): ليس هكذا يا أعرابيّ، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال:"(أنَّ الله برئٌ منَ المشركين ورسُولُهُ)"، فقال الأعرابي: وأنا والله أبْرأُ ممنْ برئ الله ورسُولُهُ منه، فأمر عمر (رضي الله عنه) ألاَّ يقرئ القرآن إلاَّ عالمٌ باللّغة، وأمر أبا الأسود أنْ يَضَعَ النّحو".
وهذه الروايات التي عرضْتُ بعضا منها، بغض النظر عن صحة كل رواية متفردة، تدل بمجموعها على ارتباط نشأة النّحو بشيُوع ظاهرة اللّحن، والخوف على كتاب الله منْ هذه الظاهرة المستنكرة، فدعت الحاجة إلى وضع كلّيات وقوانين تحكم اللّسانَ، وتصُون القرآن من عادية اللّحن التي قد تُحرّفُ دلالة النص القرآني، وظاهرة اللّحن وإنْ لم تكنْ في قراءة القرآن فقط، فإنّ تسّربها إلى قراءة القرآن نبّهَ على هذا الخطر الدّاهم، فغدت الحاجةُ ماسة إلى وضع قوانينَ ترُدُ الألسنةَ التي اعوجت إلى اللسان العربيّ المستقيم.
القرآنُ رقْعَة العمل:
بعد الحاجة إلى وضع قوانين تضبطُ اللّسان، وتصون قراءة القرآن، انطلق العلماء إلى بناء هذا العلم، وكان القرآن الكريم رُقْعة العمل. وتشيرُ أغلب الروايات إلى تسبق أبي الأسود الدؤلي إلى بناء هذا العلم. يقول ابن سلام الجمحي (ت 232ه):" وكان أول من أسس العربية، وفتح بابها، وأنهج سبيلها ، ووضع قياسها، أبو الأسود الدؤلي" وليس يهمني التحقق من صحة سبق أبي الأسود إلى نشأة علم النّحو ، ولكن يُهمني تلَمُسُ نقاط الارتباط بين القرآن وعلم النّحو، ولذا يلزمني أن أقف عند القصة الآتية:
بعد شيوع اللّحن على ألسنة بعض القراء القرآن الكريم، طلب أبو الأسود الدؤلي من الأمير زياد كتاباً، فلما ارتضى أبو الأسود الكاتب، قال له: "إذا رأيتني قد فتحتُ فهي بالحرف فانْقُط نقطةً فَوقهُ على أعلاهُ، فإنْ ضممَتُ فهي فانقُط نقطة بين يدي الحرف، وإنْ كَسُرْتُ فاجعل النقطة تحت الحرف"، فإنْ تبعتُ شيئاً منْ ذلك غُنَّةً، فاجعل مكان النقطة نقطتين فهذا نقط أبي الأسود"
نستفيد من هذه القصة أنَّ أبا الأسود بدأ عمله في القرآن الكريم، وارتبط نحوهُ به، صحيح أنَّه لم يكن من غرض أبي الأسود أنْ يسوق كلاما نظرياً في بنية اللّغة ، أو أنْ يضع أسس النظرية النّحوية عند العرب، لكن عمله كان المنطلق لتأسيس النّظرية النّحوية التي قامت من بعدُ على خطوات لاحقة، فكان هذا النّجاحُ العلمي الزاخر.
ولاغرو أنْ يكون هذا العلم الذي نشأ وترعرع في محاضن القرآن الكريم، الأداةُ البارزة في فهم النص القرآني، والوسيلة الموّضحة لمدلولاته، لاسيما بعد أنْ اختلطت الألسنة إذا كان الأوائل لا يحتاجونَ إلى كثير من هذه العلوم، فالقرآن نزل بلغتهم، و"على أساليب بلاغتهم، فكانوا يفهمونهُ ويعملون سقانية في مفرداته وتراكيبه" ، وعليه فقد احتيج إلى علم النّحو في التفسير بعد فساد الألسنة وذلك حاصلٌ لتكاثر العجم،ودخول الأجناس كافةً في دين الله، فقلّت الملكات الصّافية التي يرجعون إليها، فصاروا ينتجعون هذه التآليف في العلوم كافة، يستعينون بها على فهم تراكيب القرآن ودلالاته. يقول أبو حيّان الأندلسي (ت754ه)، "كانت تآليف المتقدمين أكثرها إنما هي شرح لغة، ونقل سبب، ونسخ، وقصص، لأنّهم كانوا قريبي عهد بالعرب وبلسان العرب، فلّما فسد الّلسانُ العجم، ودخل في دين الإسلام أنواع الأمم المختلفو الألسنة، والنّاقصو الإدراك، احتاج المتأخرون إلى إظهار ما نطوي عليه كتاب الله تعالى من غرائب التراكيب، وانتزاع المعاني وإبراز النكت البيانية، حتّى يدرك ذلك من لم تكن في طبعه، ويكتسبها من لم تكن نشأته عليها، ولا عنصره يحركه إليها" .
ولايهمني هنا أن أحدّد تاريخ المتبار النّحو من مصادر التفسير، ولكن مايهمني ارتباط ذلك بأمرين:
الأول: الحاجة التي أشار إليها أبو حيّان الأندلسي، بعد فساد الألسنة وتغيّر السّياق
الثاني: توافر التآليف في علوم اللّسان، بعد أنْ صارت علوم اللّسان صناعية، ويشرح ابن خلدون (808ه) الأم الثاني بقوله: "ثم صارت علوم اللّسان صناعية من الكلام في موضوعات اللّغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب، فوضعت الدّواوين في ذلك بعد أنْ كانت ملكاتٌ للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتب، فتُنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللّسان، فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن، لأنَّهُ بلسان العرب، وعلى منها بلاغتهم" .
أنواع التفسير:
بعد الحديث عن علم النّحو ودوره في التّفسير بعد فساد الألسنة، وبعد أنْ صارت العلوم اللسانية صناعية، ودونت وكثرت تواليفها، وتبقى هنا لنا أن نسأل: ما أنواع التفسير؟ وما دور النّحو في كل نوع؟ وما منهاج المفسرين في التفسير.
يقسم العلماءُ التّفسير قسمين: تفسير يرجع إلى النقل، ويعتمد على المأثور من القرآن والسُّنة وأقوال الصحابة، وتفسير يرجع إلى الاجتهاد والرأي، على وفق أصول دونها علماء التّفسير، وضوابط يجب أنْ يعتمد عليها كُلُّ من دام تفسير كتاب الله، ويحسن هنا أنْ نتكلم على النوعين بإيجاز.
1- التفسير بالمأثور:
وهو ما جاء في القرآن الكريم أو السُّنة أو كلام الصّحابة بياناً لمراد الله تعالى من كتابه ،وهذا النوع من التفسير يعتمد على النقل، ويقوم على تفسير القرآن بالقرآن، أو القرآن بالسنة بقيد كونها ثابتهٌ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أو المنقول الثابت عن الصحابة، وهذا هو المرجع الثالث في التفسير بالمأثور، وأمّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف العلماء ، وقد نشط تابعو التابعين وألفوا تفاسير كثيرةً من هذا النوع، جمعت أقوال الصَّحابة والتابعين، ثُمَّ ألّف ابن جديد الطبري (ت310ه) تفسيره المشهور، وجمع كثيراً من تفاسير من سبقه .
وليس في هذه التفاسير إلاّ ما هو سند إلى الصّحابة والتابعين، فهي تعتمد على نقل المأثور.ودور علم النّحو في هذا النوع من التفسير قليل، وأثره ضئيل، إذا يعتمد هنا على النقل عمن وصفوا بسلامة اللّغة، وقلّة احتياجهم إلى غير السّليقة في فهم معاني كتاب الله، ورغم ذلك لا أستطيع أنْ أنفي مطلق الاحتياج إلى علم النحو في تأليف هذا النوع من التفسير، فهذا تفسير ابن جرير الطبري، الذي وصفه الزرقاني بأجل تفاسير المأثور ، يوجه الأقوال، ويذكر الإعراب والاستنباط، وقد يُرجَّحُ وجهاً إعرابياً على آخر، لاسيما عند الكلام على القراءات .
2- التفسير بالرأي:
ويقصد به التفسير المعتمد على الاجتهاد، لا على مجرّد النقل، والاجتهاد عند العلماء هو: "بذل المجهود على قدر الواسع والإسكان، والتّفكر في معنى النّص في المنصوص عليه، لإدراك المقصود، وهو بيل الحكم به" ، وبذل المجهود والتّفكر يحتاجان إلى أصول وضوابط وأدوات فكرية للوصول إلى الإدراك، واستخراج الأحكام، إذن، فهناك رأي معتّد به قائم على هذه الأصول والضوابط، ورأي فاسدٌ، حاد عنها، وعلى هذا الأخير يحمل النهي عن تفسير القرآن بالرأي، فقد حمل العلماء حديث "من تكلّم في القرآن برأيه فليتوبوا مقعده بين النار" ، على عدة معان، منها التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير .فما الأصول التي يجب مراعتها عند التفسير بالرأي، الجواب عند الزرقاني، فقد عَدَّ أربعة أصول، وهي .
1- النقل عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع التحّرز والتّبت من صحة المنقول.
2- الأخذ بقول الصحابي، إنْ وجد وصحَّ.
3- الأخذ بمطلق اللغة، والاحتراز عن صرف الآيات إلاَّ بديل.
4- الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع.
والملاحظ أن ما ذكرهُ الزرقاني يربط هذا النوع من التفسير بالنوع الأول، وكأنّ التفسير بالرأي فرع التّفسير بالمأثور، إذا التّفسير النقلي هو المقصود بالذات . والذي يهمنا في هذا الوضع هو دور علم النّحو في هذا النوع من التفسير، فقد تأكد سابقاً أن التفسير بالرأي الجائز، يحتاج إلى أصول وضوابط، بوصفها أدوات للكشف عن المواد من النص، ومن المعلوم أنّ علم الحو من أبرز هذه الأصول وهذه الأدوات، التي يحتاج إليها المفسر في اجتهاده، ونلاحظ هذا في تقسيم ابن خلدون التفسير إلى قسمين: التفسير النقلي، والتفسير الذي يرجع إلى اللّسان، وقال عن هذا الأخير: "والصنف الآخر من التفسير، وهو ما يرجع إلى اللّسان من معرفة اللّغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب" . وجعْل هذا النوع من التفسير الذي يعتمد على علوم اللّسان، يبين منزلة علم فيه.
ومن مظاهر منزلة علم النّحو في التفسير، اشترط العلماء أي المفسر معرفة النحو، إذا جعلوا علوم اللّغة والنّحو والصرف والبلاغة، من أبرز العلوم التي يحتاج إليها المفسر، لأنّ المعنى يتغير ويختلفُ باختلاف الإعراب . فلا شك بعد الذي ذكر، أنْ يكون علم النحو من أبرز الأسس التي يقوم عليها التفسير، ويمكن أنْ ندرج تعريفين يبينان الارتباط الوثيق بين علم النحو والتفسير:
قال أبو حيّان الأندلسي: "التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرأن الكريم، ومدلولها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب" وهنا يتأكد لدى العارف بالنحو أنّ الكلام على الأحكام الإفرادية والتركيبية يشمل فيها الإعراب.
وقال الزركشي (ت 794ه):" التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصرف وعلم البيان وأصول الفقه والقرءات" فعلم النحو من مصادر التفسير على وفق هذا التعريف، ووسيلة فهم كتاب الله، واستخراج معانيه وأحكامه.
كتب المعاني والإعراب وعلاقتها بتفسير القرآن الكريم:
من أهم المظاهر التي تبين العلاقة الوثيقة بين علم النحو والتفسير، اختصاص بعض اللّغويين والنّحويين بتآليف خاصة بالقرآ ، ذات منهج خاص، وهي كتب المعاني وكتب الإعراب، وسأشير إليها بإيجاز لتكتمل صورة العلاقة التي تجمع بين علمي النحو والتفسير، ولتبيان أثر علم النحو في التفسير:
كتب المعاني:
تعتمد هذه الكتب إلى الكلام على لغة القرآن، وبيان وجوه إعرابه والوقوف عند مشكلة وتجليه معانيه، وترتبط بما يشكل في القرآن، ويحتاج إلى بعض العناء في فهمه ، فهذه الكتب تمثل صورة من صور التفسير اللّغوي، وفيها يتضح أثر علم النحو في التفسير. وقد كثر المؤلفون في هذا الميدان من المتقدمين، وشاع هذا العنوان ردحا من الزمن، وانكب على الكتابة فيه معظم علماء العربية في زمنهم، وسأعرض بعض النماذج على هذا النوع من التآليف توضيحا له:
1/ كتاب مجاز القرآن:
ألف هذا الكتاب أبو عبيدة، معمر بن المثنى (ت209ه)، وهو من أقدم ما وصل إلينا في هذا الفن، وقد عدّ بعض الباحثين أبا عبيدة، أول من صنف في معاني القرآن من أهل اللّغة .
وكلمة مجاز في عنوان الكتاب لأتحمل على المعنى الاصطلاحي عند علماء البلاغة، بل يريد بها الطرق التي يسلكها القرآن في تعبيراته فهو يذكر الآلية ثم يقول: ومجازهُ، يريد: معناه . وأبو عبيدة في كتابه يقدم تفسيراً لغوياً، يقوم على قدر من الحرية، ولا يتقدد بقوانين المذهبين النحويين، البصري والكوفي، إذا كانا في دور التكوين ، وهو يعني بالشواهد الشعرية لتوضيح آليات القرآنية عناية بالغة، وقد صرف وكده إلى الجانب اللّغوي، فشغلهُ ذلك عن متابعة القصص القرآني وأسباب النزول، إلاّ إذا اقتضى فهم النص ذلك ، ويمتاز منهجه بالسير والقرب، فهو يحتكم إلى الفهم والذوق اللّغوي ويرجع إلى كلام العرب .
2/كتاب معاني القرآن:
ألفه الفراء (307ه) ، وهو كتاب يعرض فيه الفراء الآية، ثم يتناولها بالتحليل اللّغوي
والنحوي وهو يعتمد على لغات العرب التي يحيط بها في توجيه المعنى، كما يعتمد على القراءات، وهو ضالع فيها، مطلعٌ عليها اطلاعاً واسعاً، وهو ينتقد القراءة بعضها على قراءات أخرى والترجيح بينهما من خلال توجيه المعنى .
والفراء في كتابه يوسع دائرة التأويل، وهو من أبرز أدواته في توجيه الإعراب ، ويعتدُّ بالقياس ويكثر منه ، وتظهر نظرية العامل جلية في كتاب الفّراء، إذا هو المقتضي للإعراب عنده ، وهذا العرض الموجز لمنهج الكتاب يبين جل اهتمامه بالناحية النّحوية واللّغوية في أثناء التفسير، إذ يظهر فيه أشد النحو بوضوح، ممّا يجعله من كتب التفسير اللّغوي التي تبرز متانة العلاقة بين علمي النحو والتفسير.
كتب الإعراب:
الإعراب في اللغة: الإبانة والإفصاح، وأعرب الدّجل عن نفسه، إذا بين وأوضح وفي معجم المقاييس "إعراب الكلام أيضاً من هذا القياس، لأّن بالإعراب يفرّقُ بين المعاني في الفاعل والمفعول به والنفي والتّعجب والاستفهام، وسائر أبواب هذا النّحو من العلم " ولا تخفي الرابطة الوثيقة بين المعاني والإعراب، لذا قالوا: الإعراب فرع المعنى، ولا يتصور أنْ يقدم أحد على الإعراب نص بجهل معناهُ، فإعراب النّص تجليه" لمعانيه،وكشفٌ لأحكامه.
قال السُّيوطي (ت911ه) في شروط من أراد إعراب القرآن: إنّ أول واجب عليه أنْ يفهم معنى ما يريد أنْ يعربه مفردا مركباً قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السُّور، إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه" .
لذلك فإنّ المعرب ‘ذا نظر في ظاهرة اللفظ فقط، ولم ينظر في موجب المعنى ، وكما لاحظنا ، فقد تضمنت كتب المعاني السابقة وجود إعراب آيات القرآن الكريم، وتعرضت لذلك بالقدر الذي يوضح دلالته ومعانيه، ويوقف على مقاصده وأحكامه، وهنا يحقق لنا طرح السؤال الآتي: ما الذي تميزت به كتب الإعراب عن كتب المغاني؟
إنّ كتب المعاني التي اهتمت بالنّحو وتوضيح المعاني اللّغوية لكلمات والمفردات، وربّما عّرجت على أسباب النزول وقصص القرآن، بمقدار حاجة البيان، هي ولدت هذا النوع من التأليف، وقد سار الإعراب في طريق الانفصال والتّطور حتى استقل عن المعاني وتحولت الأخيرة إلى كتب تفسير .
وقد ظهرت تآليف تعنى بالإعراب كلمات القرآن وجملهُ، وانحصارها في هذه النّحية من القرآن، جعلها علماً قائماً بذاته، ثم تباينت مناهج العلماء في إعراب القرآن الكريم، فمنهم من اقتصر على الإعراب المشكل فقط، ومنهم من عرض الإعراب غريبة، ومنهم من قصد إلى إعرابه كاملاً، ومنهم من عرض أشكال الإعراب وجعل لكل شكل باباً، ومنهم من جمع بين أوجه القراءات والإعراب .
فالواضح من هذا الكلام أنّه قد حدث انفصال كتب الإعراب عن كتب المعاني، ولكن متى نضج هذا الانفصال، وكيف تّم؟ يجيب إبراهيم رفيدة عن هذا السؤال ويُعدُ كتاب الإعراب القرآن لابن النحاس (ت 338ه)، المحاولة التي نملك الدليل على نضجها في الفصل بين معاني القرآن وإعرابه.
ويتأكد هذا من خلال إجراء مقارنة بين كتابي "ابن النحاس": معاني القرآن، وإعراب القرآن، فقد جعل ابن النحاس كتابه (معاني القرآن)، كما يقول، في تفسير المعاني والغريب وأحكام القرآن والنّاسخ والمنسوخ ، وجعل كتابه (إعراب القرآن) في إعراب القرآن والقراءات في المرتبة الأولى، وقد يذكر المعاني بمقدار الحاجة إلى ذلك .
ومن أشهر الكتب إعراب القرآن التي اعتنت بالعلامة بين النّحو وفهم معاني القرآن:
1-كتاب معاني القرآن وإعرابه:
ألّف هذا الكتاب الزجاج (ت 311ه)، وتعرض فيه للإعراب والمعاني، ويظهر هذا من قوله:" هذا كتاب مختصر في إعراب القرآن ومعانيه" وسوّغ الزجاج ذكره المعاني بما يشعر بأن قصده أصالةً إعراب القرآن، فيقول:" وإنما نذكر مع الإعراب المعنى والتّفسير، لأن كتاب الله ينبغي أنْ يتبين" ، وهو في كتابه يثبت الآية، ثم يحللُ بعض ألفاظها على طريقته في الشتقاق اللغوي، فيذكر أصل الكلمة والمعنى اللّغوي الذي تدل عليه، ثم يورد الكلمات التي تشاركها في حروفها، ويستشهد على رأيه بما يؤيده من كلام العرب وأشعارهم، ثم يبدأ بإعراب الآية، وهو في كل هذا يناقش النحويين الآخرين، وقد يأخذ بآرائهم أو يردها .
2- كتاب إعراب القرآن:
ألفه ابن النحاس، وقد بين منهجه في مقدمة كتابه فقال:"هذا كتاب أذكر فيه، إن شاء الله، إعراب القرآن والقراءات التي تحتاج أنْ يبين إعرابها، والعلل فيها، ولا أُخليه من اختلاف النّحويين، وما يحتاج إليه من المعاني، وما أجازه بعضهم وضعه بعضهم، وزيادات في المعاني وشرح لها ، فخطبته في مفتتح الكتاب كتابه دالة بذاتها على هذا الارتباط الوثيق بين علم النّحو، وتوجيه معاني الآيات القرآنية.
3- كتاب التبيان في إعراب القرآن:
ألفه العكبري (ت 616ه)، وأعرب فيه القرآن كاملاً، وهو يذكر وجود القراءات، ويبين وجود إعرابها، ولا يخلو الكتاب ومن لإشارات إلى معني الآية، وهو يشتهد بالشعر العربي على ما يذهب إليه، وقد يذكر أئمة النحو والتفسير الذين ينقل عنهم ، ويذكر وجود الإعراب في الآية ولا يرجع بينها، وهذا كثير في كتابه، ورُبما رجع بين الوجود بتمريض أحدها، وذلك كان يقرر وجهاً، ثم يُتبعهُ بكلمة قيل ، وقد يستغني عن الإعراب بيان المعنى فقط
قائمة المراجع:
- أغلب من بحث في المسألة العلاقة بين علم النّحو والتفسير، بحثها
من خلال هذه المحاور، ينظر شال ذلك في: النحو وكتب التفسير، رفيدة، إبراهيم عبد
الله، المنشأة الشعبية للنشر، ليبيا، ط1، 1980م، ج1 ص 136، وأثر النحو بالتفسير
القرطي، دحلان، محمد لطفي، رسالة دكتوراه، غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان،
1992م، ص 7.
-
نزهة الألباب في طبقات الأدباء، أبو البركات عبد الرحمان بن محمد الأنباري (ت577 ه)،
(تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم)، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 2003م، ص 14.
-أخبار النّحويين البصريين، الحسن
بن عبد الله السرافي (ت368 ه).(تحقيق: محمد إبراهيم البنا).دار الافصام القاهرة، ط1، 1985م، ص 35-36.
وزياد المعروف بأبيه، مختلف في اسم
أبيه، فقيل زياد بن عبيد الثقفي، وقيل: زياد بن أبي سفيان، كان كاتبا بليغاً،
وخطيباً مفوَّهاً، وكريماً أبياً، استلحقه معاوية ووّلاه العراق، عُرف بالحزم
والفتك والشدة توفي سنة (253) بالطاعون، ينظر: سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد
النهبي (748ه).، (تحقيق: محمد نعيم ومأمون صاغرجي)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط11،
1988م، ج3، ص 494.
- الصواب قوله تعالى: ("لا يأكلُهُ إلاّ الخاطئون")،
الحاقة/37.
-ترهة الألباء، الأنباري، ص 17.
-
التوبة/3
-نزهة الألباء، الأنباري، ص 17-18.
-عرف ابن الجني (ت392ه) علم النّحو
بأنهُ: "انتحاء سمتٌ كلام العرب في تصرفه من إعرابٌ وغيره، كالتشبيه والجمع
والتحقير، والتكسير والإضافة والنسب والتركيب وغير ذلك، ليلحق من ليس من أحمل
اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطلق بها وإن لم يكن منهم، وإنْ شذّ بعضهم
عنها ردُّ إليها". الخصائص، (تحقيق: محمد علي النجار)، دار الهدي لطباعة
والنشر، بيروت، ط2، د.ت، ج1، ص 34.
-
أنهج سبيلها: وضحها وبينها. ينظر: كتاب الأفعال، ابن القوطية الأندلسي (ت367 ه)،
(تحقيق: علي فودة) مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 2001م، ص 107.
-
طبقات فحول الشعراء. محمد بن سلام الجمحي (ت232ه)، (قرأت: محمود محمد شاكر)، دار
المدني، جدّة،دط، دت، ج1، ص 12.
- ينظر لذلك: المفصل في تاريخ النّحو العربي،
محمد خير الحلواني، مؤسسة الرسالة: بيروت، ط1، 1979م، ج1، ص39-61.
-ينظر: أخبار النّحويين البصريين،
السيرافي، ص 34-35.
-
ينظر المفضل في تاريخ النّحو العربي، الحلواني، ج1،ص 110.
-المقدمة، عبد الرحمان بن محمد ابن خلدون
(ت808ه)، (تحقيق: حجر عاصي)، دار ومكتبة الهلال، بيروت، دط، 1983م، ص 279.
وقال أبو عبيدة، معمر بن المثنى (ت 209ه):
"وقالو: إنّما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، ومصداق ذلك في آية من القرآن،
وفي آية أخرى:("وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه)، فلم يحتج السّلف ولا
الذين أدركوا وحية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنْ يسألوا عن معاينة. ولأنّهم
كانوا عرب الألسن، فاستغنوا بعلمهم به عن مسألة عن معاينة". ينظر: مجاز
القرآن، (تحقيق: محمد فؤاد سزكين)، مكتبة الخانجي، القاهرة، دت، ج1، ص8.
-البحر المحيرط، أبو حيّان محمد بن يوسف
(ت 754هـ)، (بعناية: صدقي محمد جميل)، دار النكر، بيروت، 1992م، ج1، ص 25. وينظر:
أُر النّحو في تفسير القرطبي، دحلان، ص 11.
-
المقدمة، ابن خلدون، ص 279، وينظر كذلك: أثر النّحو في التفسير القرطبي، دحلان، ص
12.
-التفسير في اللغة، الإيضاح والبيان ومنه
قوله تعالى في سورة الفرقان: "ولا يأتونك بمثل إلاَّ جئناك بالحق وأحسن
تفسيراً" (الفرقان 33).
والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن القرآن
الكريم من حيث دلالته على مُراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية. ينظر: مناهل انعرفات في العلوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني(ت
1948م)، (تحقيق: فؤاد أحمد زمرلي)، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1995م، ج1، ص 6.
-مناهل العرفان: في العلوم القرآن،
الرزقاني، ج2، ص12.
-قال الإمام الشافعي:" كلّ ما حكم
به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ممّا فهمه من القرآن"، ينظر: مقدمة في
أصول التقسير، تقي الدين أحمد بن تيمية (ت 728ه)، دار ومكتبة الهلال، بيروت،
1980م، ص 39.
-منهم من عدَهُ من المأثور، لأنّهم إنّما
ينقلون التفسير عن الصّحابة، فهم يتحرجون أنْ يقولوا في كتاب الله بمحض ارادتهم،
ومنهم من عدَهُ من التفسير بالرأي، ينظر: لذلك: مناهل العرفان للزرقاني، ج2، ص
12-14.
-مثل التفسير وكيع بن الجراح (ت197ه)،
وسفيان بن عيينة (ت 198ه)، وغيرهما ممّا ذكر الزرقالي في مناهل العرفان، ج2، ص 25.
-مناهل العرفان، ص 25.
-ينظر لذلك: جامع البيان عن تأويل القرآن،
محمد جرير الطبري (ت310ه)، (تحقيق: محمود محمد شاكر)، دار المعارف القاهرة، دت،
ج1، ص 180-181. ومناهل العرفان، ص 25.
-بيان كشف الألفاظ، شهاب الدين الأبذي،
(ت 860ه)، (تحقيق: خالد الفهمي). مكتبة الجانجي، القاهرة، ط1، 2002، ص 30.
-خرجه الترمذي، محمد بن عيسى (ت 279ه)،
ينظر: السنن، (تحقيق: كمال الحوت)، دار الكتب العلمية، بيروت، دت، ج5، ص 183، رقم
الحديث (2950).
-الاتقان في علوم القرآن، عبد الرحمان بن
أبي بكر السّيوطي، (ت 911ه)، ( تقديم: مصطفى البغا)، دار ابن كثير، دمشق، ط3،
1996م، ج2، ص 121.
-مناهل العرفان، الزرقاني، ج2، ص 42،
وقال: "فمن فسر القرآن برأيه-أي بالاجتهاد- ملتزما الوقوف عند هذه المأخذ،
معتمداً عليها فيما يرى من معاني كتاب الله، كان تفسيرك سائغاً جائزاً، خليقاً بأن
يسمى (التفسير الجائز) أو التفسير المحمود، ومن حاد عن هذه الأصول، وفسّر القرآن غير
معتمد عليها، كان تفسيرهُ ساقطاً مرذولاً خليقا بأن يسمى التفسير غير الجائز، أو
التفسير المذموم"
-المقدمة، ابن خلدون، ص 279.
-المقدمة، ابن خلدون، ص 279.
-ينظر لذلك: الإتقان، للسيوطى، ج2، ص
1209، ومناهل العرفان، الزرقاني، ج2، ص 43.
-البحر المحيط، أبو حيّان، ج1، ص 26.
-البرهان في علوم القرآن، الزركشي،
(تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم)، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 2004م، ج2، ص 107.
-
ينظر: معاني القرآن، يحيي ابن زياد الفراّء (ت 207ه)، (تحقيق: أحمد يوسف نجاتي
ومحمد علي النّجار)، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1980م، ص 11، مقدمة التحقيق.
-
هو أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمي، نسبة إلى تيم قريش، ولد سنة عشر مائة
للهجرة، من كبار علماء العربية، قال الجاحظ فيه:" لم يكن في الأرض خارجي ولا
إجماعي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة "، استقدمه الرشيد إلى بغداد، وقرأ عليه
أشياء من كتبه، وقال أبو العباس المبرد:" كان أبو عبيدة عالما بالشعر والغريب
والأخبار والنسب، وكان الأصمعي أعلم منه بالنحو"، له (نقائض جرير والفرزدق) و
(مجاز القرآن)، و (أيام العرب) وغيرها كثير، توفي في البصرة سنة تسع ومائتين.
ينظر: نزهة الألباء الأنباري، ص 85.
-ينظر: معاني القرآن، الأخفش، سعيد بن مسعدة
(ت215ه)، (تحقيق: فائز فارس)، ط2، ص 1981م، ج1، ص 53، مقدمة التحقيق.
-
مجاز القرآن، أبو عبيدة، ج1، ص 19، مقدمة التحقيق.
-
المصدر نفسه، ج1، ص2، مقدمة التحقيق.
- المصدر نفسه، ج1، ص19، مقدمة التحقيق.
- المصدر نفسه، ج1، ص19، مقدمة التحقيق.
-ينظر: أبو عبيدة معمر بن النثنى،
الموسى، نهاد، دار العلوم، الرياض، ط1، 1985م، ص 495.
-أبو زكرياء، يحي بن زياد الديلمي النحوي
الكوفي، من كبائر أئمة النّحو واللّغة، لقب بالفراء لأنه كان يفري الكلام، أي
يصالحه، ولد في الكوفة، وأخذ من الكسائي ويونس، وكان يتصل بالأعراب يأخذ منهم، يعد
من المجددين في أصول المذهب الكوفي، له: (معاني القرآن)، و(كتاب الحدود) وغيرهما
كثير، توفي سنة (207ه). ينظر: نزهة الألباء، الأنباري، ص 90.
-
ينظر: معاني القرآن، الفرآء، ج1، ص 39-42.
-
المصدر نفسه، ج1، ص 145.
-ينظر: أبو زكريا الفراء ومنهجه في النحو
واللغة، أحمد ملكيّ الأنصتري، المجلس الأعلى لرعاية الفنةن، القاهرة، 1964م،ص 376.
-معاني القرآن، الفراء، ج1، ص 188، وج2،
ص 226.
-المصدر نفسه، ج1، ص 13.
-ينظر: معجم مقاييس اللّغة، أحمد فارس بن
زكريا (ت 395ه)، (تحقيق: شهاب الدّين أبو عمرو)، دار الفكر، بيروت، ط2، 1998م، ص
766، مادة (عرب).
-المصدر نفسه، ص 766.
-الاتقان، السّيوطي، ج1، ص 756.
-
ينظر لذلك: معنى اللبيب عن كتب الأعرابي، ابن هشام، جمال الدين الأنصاري (ت 761ه)،
(تحقيق: مازن المبارك ومحمد حمد الله)، دار الفكر، بيروت، ط2، 1985م، ص 686.
-ينظر تفصيل ذلك: النحو وكتب التفسير،
رفيدة، ج1، ص 131.
-التبيان في إعراب القرآن، العكبري، عبد
الله بن الحُسين (ت 616ه)، (تحقيق: علي محمد البجاوي)، دار الجيل، بيروت،
ط2،1987م، ج1، ص د، مقدمة التحقيق.
-النحو وكتب التفسير، رفيدة، ج1، ص 483.
-أحمد بن محمد المرادي المصري، المعروف
بابن النّحاس، نحوي وأديب، من أجمل العلم، ارتحل إلى بغداد وأخذ عن الأخفش الأصغر
والمبرد ونفطويه والزّجاج، ثم عاد إلى مصر، صنف كتب كثيرة، منها (إعراب القرآن) و
(معاني القرآن)، مات غريقا بعد ان دفنه جاهلٌ يظنُ أنّه يسحر النيل سنة (338ه).
ينظر: باللغة في تراجم أئمة النّحو واللّغة، الفيروز آبادي محمد بن يعقوب (ت
817ه)، (تحقيق: محمد المصري)، مركز المخطوطات والتراث، الكويت، ط1، 1987م، ص 62.
-معاني القرآن، ابن النحاس، أحمد بن محمد
( ت 338ه)، (تحقيق: محمد علي الصّابوني)، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ط1، 1409ه،
ج1، ص 42.
-إعراب القرآن، ابن النحاس، أحمد بن محمد
(ت 338ه)، (تحقيق: زهير غازي زاهد)، وزارة الأوقاف، مطبعة العاني، بغداد، 1977م،
ج1، ص 115.
-أبو إسحاق: إبراهيم بن السّري بن سهل
الزجاج، من أكابر أهل العربية، كان صاحب اختيار في علمي النّحو والعروض، أخذ عن
ثعلب والمبرد له (معاني القرآن)، (فعل وأفعل)، توفي سنة (310ه)، ينظر: نزهة
الألباء، الأنباري، ص 216.
-ينظر: معاني القرآن: الزجاج، (تحقيق:
عبد الجليل عبده)، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1988م، ج1، ص 39.
-المصدر نفسه، ج1، ص 185.
-
معاني القرآن، الزجاج، ج1، ص 22، مقدمة التحقيق.
-
إعراب القرآن، ج1، ص 115.
-
أبو البقاء:
عبد الله بن الحسين، العبكري الضرير، أصله من عكبر في العراق، قرأ النحو واللغة
والأصول والحساب والخلاف والفرائض، وكان حجة أهل العلم في زمانه، وكان يتردد على
الصدور والأعيان، أديبٌ ذو معرفة بعلوم القرآن والجير والمقابلة وغوامض العربية،
أضر في صبان بسبب الجدوى، له (التبيان في إعراب القرآن)، وطبع أيضا بعنوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق